
الهاوية الجميلة يا سيدتي
اكتبُ كي يضيء الكلامُ ، تخضرُّ السُّطور ،
ثم تُورق الأوراق.
أكتب كي أعرفكِ أكثر ، ففي الكلمات أنتِ أكثرَ وضوحاً ، و تتحولُ اللغة التي تُكتَبين بها إلى حديقةٍ ...
لهذا أكتب .
* * *
حيث كل شيء أخضر ، حيث البحر أكثر سعةً ، حيث السماء أكثر رحمةً تكونين .
وأجدك فأجدُ الهواءَ يتحول أوكسجيناً خالصاَ ، والأرضُ تفرشُ لخطواتي الدروبَ ،
في جملة واحدة :
يكون الوجود حقيقياً أكثر .
* * *
مع اقتراب الليل تُضيئينَ طُرقاتيَ المُظلمة ، وتَمنَحينَ الصدرَ هواءَ الأمان ،
والروحَ هدأةً ،
والعقل فسحةً …
ليكفَّ عن التفكير .
* * *
تختلطُ الأفكارُ إذ تغيبينَ سيدتي
وحين تقتربين
تلهثُ الأحاسيسُ. تصطخبُ معاني الكلمات، ويكون عليّ البحث عن كلماتٍ أخرى
لغةٍ مختلفةٍ جديرة بك
فلا أجد.
* * *
في ضوء النهارات الصيفَّية الشَّاحبة ، وعلى طرقات الظَّهيرة الحارقة ، بين الأمواجِ الساخنةِ للهواءِ القليل ،
وفوق السُّحب الريشية العابرة ،
أراكِ ،
حينها فقط استعيد وجودي
وأدركُ أنني
في العالم.
* * *
اختنقُ في المدينةُ الكبيرة ،
تتوه ، في شوارِعها الفَسيحة ، نفسي
فأذهب إلى البحر .
عند البحر يكونُ الكون
جدير بالحياة
وإذ أغفو على رملِه
هناكَ
أجِدُكِ
مدينتي
التي اسكنها .
* * *
على موائدِ النَّهار ، كنّا ، نَحتسي قهوةَ شوقٍ قديم
رَنَت عيناكِ نحوَ طائرٍ بعيد ،
كنتُ أتأملكِ بينما تهتزُّ أشجارُ المقهى بالقرب منك
كنتِ تضحكينَ
ثم تصمتين وتحدقينَ طويلاً
لم أعرف فيمَ كنتِ تفكِّرين
لكن الذي كان يحدث هو أننا كنّا على
شفا الهاوية ،
الهاوية التي بدت كإغراءٍ
لا يقاوم.
* * *
أمام الهاويةِ السحيقة ، كنّا معاً ، نقفُ بلا اكتراثٍ
ضاحكين في وجه الوجود
كان ذلك قبل السقوط
في
الهاوية
الجميلة يا سيدتي.
*****