" شتاء"
مختارات
ساحل 1982
معاً والساحلُ شرقيَّ دبي خالٍ
يُرفرِفُ بهواءِ إبريل في الهاجرةْ
حينَ كُنتِ تَتَنفسين
فيرتفعُ صدرُ البحرِ قليلا.
كُنا نَرمي الكلماتِ المنهكة
منتظرينَ دوائِرَها في الماءْ
أو كَي يَتدفَّقُ الموجُ في جسَدَينا
قلبانا ذابا كَكومتي رملٍ
كان بِحوزتِنا القليلُ من الماءْ
وأظنُّ الجَزْرَ كذلك أجّلَ موعِدَه
لم يمر وقتٌ...
لكن الشمسَ تثاءَبت ثم مالَتْ
ابتَعَدنا بضعةَ أمتارٍ
فتَمَزَّقَ بعرضِ السَّاحِلِ ظِلاّنا.
قُلنا شيئاً إلى الماء
أو رَمينا بمحارةٍ ... لا أتذكرْ
حين ذَهبنا
اهتزَّ وراءَنا خَطُّ الأفقِ
وتَبَدَّدَ فينا الكلامُ الذي لم نَقُلْهُ..
كالموجِ, تَتَغيرُ ألوانُنا
نتغيرُ
والبحرُ يَبْقى.
قمرٌ مِن وراء السياج
أدّخِرُ النظراتِ
ليصفو ضبابُ الخريف
لأرى القمرَ الغريبَ
يُغافلُ أشجارَ منزِلِـنا من وراءِ السِّياجْ
ويَرمي لنا هَداياهْ
لِيَعتذر الليلُ لَنا عن لونِه المُرِّ
الأنجُمُ عن انطفاآتها العارِضةْ
الحُبُّ
عن احمرارِ الألمْ
عَلّنا نَمُدُّ قليلاً أيامَنا.
أدَّخِركِ
أُنصِتُ لوقعِ خُطاكِ
حينَ تَسيرينَ
تسألينَ الظلامَ لماذا
يَدنو بِلا سببٍ فوقَ منزلِنا.
أدّخِرُ الخطواتِ. ...أُحدّقُ
أبيضُ
هادئٌ لونُ هذا الضَّبابْ
رائحةُ العتمة ذاتِها، هواءُ الجَنوبْ
حتى الكلام البَسيط
اليقينُ,، اضطرابُ الشّكوكِ
أواني العشاءِ الأخيرِ,
لُهاثُنا المتقطعُ
لَمْ نَتَحدّث لماذا نَضيعُ
في الشوارعِ التي نَعْرِفُها جيداً
انظري
سِرنا في السنواتِ طويلاً
ولم نتحدّثْ
حتّى عن الموتْ .
أدّخرُ الكلمات ريثَما تَعُودين
عَلّنا
نُعاود تَرتيبَ الكلامِ مِن أَوَلِهِ
أو
نُهجعُ القُبلاتِ المرتعشةَ سريرَها
لرُبما تَستَبدّ بِنا الشَّهقات
ويَنْبُتُ الحَنينُ العتيقُ
خَلف السِّياج
عندما نهبطُ التلَّ
ونهيئُ للقمرِ الغريبِ
موضِعاً دافئاً بَيْنَنا.
قبل أن نفترق
شايُ الصباحُ الثَّقيلُ
يُشبِهُ الظَّلامَ وراءَ البَيتْ
إذ الشمسُ ظلّتْ الطَّريقَ
وما توقّفَ الهواءُ للحظةٍ
كي يُحَييَ أشجارَنا،
نُراقِبُ موضِعَ جلوسَنا الأمس
ونَعرفُ أنّا لن نعودَ
لجمعِ الكلماتِ المتناثرةِ بين المقاعد.
كانَ الليلُ مديداً ولا مبالياً
والشمعةُ المغطاةُ بالغبار
أبْرَدُ مِن أصابِعنا
أيُّ جَدوىً ليومٍ جديدٍ
حينَ نَكتفي ببعضِ التَّمتَماتِ
ثم نُبَعثرُها كَورقٍ على الطاولةِ
قبلَ أن
نَبتَعد.
صور الكلمات
ضوءٌ شماليٌ يملأ البحرَ
لستِ هُنا
لستِ سوى صُورةً
تُشَكِلُها الكلماتُ
على صفحةِ الماءْ.
أُقسِمُ
جرى البارحةْ
ظلان عبَثا بالشاطئ الضحلِ
أُقسِمُ
خَلَعَ الموجُ عنّا الثيابَ
لنَغرَق في جَسَدينا.
الشتاءُ
أحلامُنا تَتَلاطمُ
زرقاءَ
معتمةً أفكارُنا
والكلامُ
موجٌ
تَماوَتَ في جَسَدِ البَحْر.
بِجانبي
تَتَمدَدين كالأرض
الشمسُ
حافةٌ حمراءَ فوقَ صحرائِكِ
شَعرُك ايضاً يسيرْ
موسيقى الهَواء.
ثمةَ ماءٌ عذبٌ والرملُ دافئٌ
شفتاكِ زبَدُ الموجِ
يُنبُوعُه.
لستِ هنا
لستِ سِوى الكلماتِ
البحرُ كذلك
ليسَ سِوى صُورةُ البحرْ .