مطرٌ على البحر"
مختارات
هذا الساحل
سأحفرُ الرملَ
رملَ الساحل الرطب
سأغرزُ أصابعي
عميقا ً
وستهبط ُ روحي
تهبِط ُ ببطءٍ
وفي صمتٍ
يتصاعدُ دفءٌ
تحتَ الجلدِ
أحفرُ أكثر
وأحفرُ
هذا الساحلُ أعرفهُ
كراحةِ يديْ
بنيتُ بيوتا ً واسعة ً
وزّعتُ الغرفَ
وراكمتُ
أبراجَ الرَّمل ِ هُنا
كان الموجُ يجيءُ
فيدفنها المدُّ
وأعودُ
اليومَ التالي
أبني
أعرفُ
يمكنـُني اللـَّعب هنا
وأدركُ يمكنُ دفنُ الأحلام ِ
ويمكن أيضاً
دفنُ
الحزن
هُـنا.
الدرس الأول
قارسٌ كان الهواءُ
بينما أَقفُ مرتجفا ً
في طابور ِ الصباح.
على كتفِ الساحل ِ كانت مدرستنا
وقاسية ٌ كانت الصباحاتُ الشتوية
حين أقفُ مرتعبا ً
تنتظرُني العصا الغليظة
ودروسُ العقاب ِ الجماعي
حين لا أستطيعَ بلعَ ريقي
من الفزع ِ
في الفصل الأول الإبتدائي
حين يُنادى أن أمدَّ يديَّ
ويطوفُ المُدرِّس الغاضب
كي يتأكد من إتقانيَ درسَ الحِساب ِ
حين لا يُسمح لي حتى
أن أبكي.
لطالما وقفتُ كجندي ٍّ
ينتظرُ الموتَ في طابور الصباح
أمامي العدو
وليس لديَّ سلاحٌ
صبيٌ لم يبلغ السابعة بعد
يُحدّقُ في الباب الحديدي للمدرسة
الباب الموصد
بالأقفال.
كمن يحني في مهدٍ رقبته
يسحركَ الماءُ المائل
للأخضر
الضحل
الرمل الأبيض تحتَ الماء
وأحياناً حين تُغرِقُ رأسَكَ في البحر المالح
تلجُ الصمت لتسمعَ تلكَ الأصداءَ
أصداء أكوانكَ الغامضة.
لم يبقَ ليومك غيرُ لحظاتٍ
ترفـَعُ رأسَكَ
فإذا الشمس
القرصُ المُحْمَرُّ على الأفق
تبرُدُ
شاحبة ً تهبط ُ في الماء.
حين وفـَدتَ البحرَ
ألقيتَ بجُثتكَ المكدودة
كمن يحني في مهدٍ رقبته
باستسلام ٍ معترفاً بالوهن
ويغمركَ اليم.
يَكـُفُّ الجسدُ عن الإحساس
لا ضجرَ ولا أفكارَ تهاجمُ رأسـَك
حين
تحت الماء ِ يتقلبُ
قلبـُكَ
كطفل ٍ في المهد
يلهو .
غمام
الفجرُ أزرق
أستـَنِدُ الجدارَ قرب النافذة
مصباحي لا زال حيا ً
وقد أرْهَقت القراءة ُ عينيَّ
صوتُ طائر ٍ يصلني من مكان ما
و لم يصل النوم بعد.
غمامُ ذكرياتٍ يغشاني
أراني، والرمل بارد، مستلق ٍ
هالة ُ البدر مكتملة ٌ
الأرضُ بَيضاء
البحرُ كذلك
عندي
أجوبُ ماضيَّ
عابراً السنوات في بُرهةٍ
أرى الوجوهَ كلها
لكنّي أنسى الأسماء والأمكنة.
السماءُ بعيدة ٌ
أهوية ُ الشتاء
تُهَفـْهـِفُ أمواجَ روحي.
الفجرُ يذهبُ
ينامُ المصباح والطائر
وتستيقظ ُ السنوات
أرى الوجوه
أراها كلـها.